منتديات شباب الشورة الجديد
شهيد القرآن عبده بن محمد المخلافي 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا شهيد القرآن عبده بن محمد المخلافي 829894
ادارة المنتدي شهيد القرآن عبده بن محمد المخلافي 103798
منتديات شباب الشورة الجديد
شهيد القرآن عبده بن محمد المخلافي 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا شهيد القرآن عبده بن محمد المخلافي 829894
ادارة المنتدي شهيد القرآن عبده بن محمد المخلافي 103798
منتديات شباب الشورة الجديد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات شباب الشورة الجديد

ثقافي/اجتماعي/اسلامي/رياضي
 
الرئيسيةالرئيسية  <iframe src="ht<iframe src="ht  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 شهيد القرآن عبده بن محمد المخلافي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو هويدي
المدير العام
المدير العام
ابو هويدي


العراق العراق : https://i.servimg.com/u/f84/14/04/99/05/123.gif
عدد المساهمات : 944
نقاط : 2947
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 16/09/2011
العمر : 48
الموقع : العراق

شهيد القرآن عبده بن محمد المخلافي Empty
مُساهمةموضوع: شهيد القرآن عبده بن محمد المخلافي   شهيد القرآن عبده بن محمد المخلافي Emptyالثلاثاء يناير 03, 2012 12:12 am

شهيد القرآن عبده بن محمد المخلافي 9999_9_2_2008


لمحة عن بعض مآثر شهيد القرآن
عبده بن محمد المخلافي - رحمه الله


المقدمة :


الحمد لله الذي أفاض علينا سوابغ نعمه الجسام ، وصلى الله وسلم على صفوته من خلق محمد وآل بيته الطاهرين وصحابته الراشدين وبعد :


فهذه لمحة فرض علينا أن ننوه بها وفاءً لبعض ما علينا من واجب نحو أخ لنا
اختصه الله بصفات أهلته وهو في ريعان الشباب ومقتبل العمر لحمل أعباء
الدعوة إلى الله ، وهو الأخ الصالح المصلح عبده محمد المخلافي - رحمه الله
وأسكنه رحاب جنته الواسعة - وكم يحلو لي الحديث عن عبده محمد لأنه من أبرز
وأعظم الأخوة الذين تربطني بهم آصرة الحب في الله ، وقد شكرت الأخ الدكتور
نجيب غانم رئيس الدائرة الإعلامية بالأمانة العامة للتجمع اليمني للإصلاح
على كرم عواطفه حين طلب مني تحرير مقدمة لما تكرمت به الدائرة من نشر بعض
صفحات مشرقة من حياة شهيدنا المرحوم ، الذي ترك في نفسي آثاراً لا أنساها
حينما أتيحت لي مزاملته بضع سنين من أول 1963م إلى أن اختاره الله إلى
جواره شهيداً مرضياً في أول عام 1970م تقريباً .


وكانت معرفتي به في القاهرة فقد اتصلت به عن طريق الهاتف ، فوافاني إلى حيّ
الدقّي حيث التقينا في رحاب الله على حبه ،ومنذ تلك اللحظات فرضت شخصيته
المحبوبة المؤثرة عليّ حبه والتعلق به ، لأنه من معدن نادر الوجود ، وقد
اكتشفت بمعرفتي له أعظم وأغلى كنـز كنت أبحث عنه ، فقلت في نفسي عقب اللقاء
الأول به : لعله سيكون لهذا الشاب أثر في نفسي ، متميزاً ، تتوصل به إلى
آفاق إيجابية عملية في مجال الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى . لقد كان
شهيدنا رحمه الله متميزاً بالقدرة في التأثير على معاريفه ، ومن يعاشرهم ،
ممن جمعهم الله على الاستجابة لنور هدايته ، ومما أكد هذه الحقيقة أن
شهيدنا عمل على نمو علاقتي به ، بأكثر من وسيلة ، منها تحديد موعد للقائي
به إما في محل سكننا في الدقي أو في محل سكنه بمدينة البعوث الإسلامية -
هذا جانب - ومن الجوانب الأخرى اهتمامه في تهيئة أجواء كنا نجتمع فيها ببعض
شباب تلك الأيام ، مثل الأخ الدكتور عبد الغني قاسم الشرجبي وعبد السلام
خالد ، وغيرهما ، كما كان له فضل في تزويدي ، بألوان من زاد المعرفة
الثقافية الإسلامية النافعة ، وذلك بحضورنا في عدد من اللقاءات والمحاضرات ،
التي كان يلقيها كوكبة من رواد الفكر الإسلامي ، مثل: الشيخ محمد الغزالي
في مسجد أسد بن الفرات ،والدكتور عيسى عبده في المساجد وبعض الكليات ،
والشيخ محمد أبو زهرة ، وبعد أن توطدت بيننا علاقة الإخاء المتميز كنت لا
أستطيع مخالفة أي مقترح للأخ/ عبده محمد ، فقد تركت شخصيته وأخلاقه في نفسي
آثاراً جعلتني أحس بأنه أصبح من عوامل اليقظة التي كنت في حاجة إلى تعمق
مفاهيمها في أعماق نفسي ، حتى تحولت من فرد معجب بالدعوة والدعاة إلى فرد
مؤمن بوجوب الحصول على كل وسيلة تؤهلني لخدمة الدعوة ، بحسب إمكاناتي
المحدودة ، ومن بركة هذه الدعوة أنها محور الارتقاء بالجنس البشري بكل من
أيَّد وجنَّد نفسه لخدمتها ، وخلال صلتي بأخي عبده محمد المخلافي أكرمني
الله بالتعرف إلى فاتح أبواب الرقي الدعوي الشهيد/ سيد قطب رحمه الله تعالى
الذي ترددت لزيارته نحو عام من أواسط 1964م إلى نهاية شهر مايو 1965م ،
فانتقل بنا إلى تيار جاذبيته المؤثرة من مجرد معجب بالدعاة والدعوة إلى
مسلم واعٍ يحس بوجوب إسهامه في خدمة الدعوة بحسب ما رزقه الله من المواهب ،
وقد كنت أذهب لزيارته وزيارة الشيخ محمد قطب قبل أن أُعلم الأخ عبده محمد
فلما أعلمته أصرَّ عليَّ في المرافقة فرافقته ، والتقيت أنا وهو بالشهيد في
بعض أيام رمضان من نفس العام في منزله بحلوان ، وكما يقال في المثل أنَّ
أحداً لا يعجبه أن يكون أحدٌ أكمل منه إلا الأب الحنون بأولاده ، فكذلك فإن
أقوى رابطة وأقوى حنان ما يودعه الله في قلوب الأخوة المتحابين فيه ، فقد
سألني الشهيد/ سيد قطب بانفراد عن الأخ/ عبده محمد الذي يزورهم لأول مرة
فقلت على الفور هذا أفضلنا ، وخير من أنجبته اليمن إلى الآن من الشباب
الإسلامي المستنير ، وقد كنا نذهب لزيارة الشهيد حسب مواعيد لنا نحددها ،
وعند زيارة الأخ عبده محمد للشهيد في آخر مايو 1965م التقيت به في رحاب
الشهيد على غير موعد ، وكانت جلسة انتقلت بنا من عصر جاهلية القرن العشرين
إلى حضارة عصر النبوة ، فكنت أشاهد أبا بكر رضي الله عنه وهو يتحدى عالم
الشرك والوثنية بمثل قوله: والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها لرسول
الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم على ذلك ، ومما دار في خلدي أثناء تلك
الزيارة تأكيد الشهيد سيد قطب لنا بقوله : إن المذاهب الهدامة لن يطول بها
الوقت وإنها مشرفة على الانقراض وعلى رأسها الشيوعية التي ستنهار خلال 25
سنة

وصول الشهيد إلى اليمن وبعض أنشطته:

بعد أن ألقت السلطات الناصرية القبض على الشهيد سيد قطب ، فوجئ الأخ/ عبده
محمد بإلقاء القبض عليه لأنه كان مرصوداً من قبل مباحث التعسف الناصرية ،
وبإغراء من حثالات الشيوعيين المنتسبين إلى اليمن ، وقد فوجئت به ، واقفاً
على باب وزارة التربية والتعليم وهو لا يعرف غير أخيه حسن الذاري، وقد
رجحنا أن نلتقي بوزير التربية قاسم غالب أحمد ، الذي كان من أعمدة تسلط
النظام الناصري لأن صلتنا الشخصية به كانت سليمة ، لأنه كان يأمل في
تأييدنا له ، رغم تباين الاتجاهات وتنكره للأستاذ الزبيري ، وتشبثه بإخوانه
كما كان يقول ، وقد حاولنا ستر موضوع اعتقال الأخ/ عبده ووصوله مطروداً ،
وقلنا إنه قد أكمل دراسة المرحلة الثانوية بالأزهر، ويفضل أن يخلد إلى راحة
يعد فيها نفسه للمرحلة الجامعية ونرجوا أن يُصدر به إلى إدارة التربية في
تعز ، وتعيينه مدرساً فوافق على ذلك ، وفي تعز بدأ الشهيد يواصل مسيرته
الدعوية ، وخلال بقية عام 1965م لفت أنظار المتربصين بنشاطه وإقبال الناس
عليه ، وحين اشتدت وطأة الإرهاب الناصري على اليمن ، واليمانيين سنة 1966م
تعرض الشهيد للإيذاء والاعتقال ، وزرته بمرافقة الأخ/ هيال فرحان عبد
السلام وهما معتقلان في حبس وزارة الداخلية بصنعاء ، ولكن معنوياتهما عالية
، وقد خففت عليهما بقولي : إن التعرض للأذى في سبيل الله هو الضريبة التي
لا بد أن يؤديها ويصبر عليها الدعاة فلا يضركم الأذى .


وبعد انقشاع الغمة سنة 1967م وفشل الناصريين وهزيمتهم على أيادي أعداء
الإسلام " اليهود " ومن ساندوا ويساندوا كل الناقمين والحاقدين على الإسلام
، بعد ذلك حدثت تطورات أطاحت بالنفوذ الناصري وتنفست اليمن الصعداء ، وتم
تعيين الأخ/ عبده محمد مديراً عاماً للتربية في تعز ، ثم عين عضواً في مجلس
الشورى بعد انقلاب 5 نوفمبر سنة 1968م إلى أن استشهد … وقد شهدت له الساحة
حضوراً متميزاً توسعت به دائرة الدعوة وهزت به أعمدة العناصر المعادية
للإسلام والمسلمين .



ضرورة الاهتمام بنشر تاريخ وآثار إخواننا الراحلين رحمهم الله :


ومن الأهمية بمكان أن تتظافر جهودنا جميعاً للكتابة والنشر عن إخواننا
الراحلين من العلماء والدعاة لا سيما الذين أثرَّت حياتهم في إصلاح المجتمع
مثل الشهيد/ محمد محمود الزبيري ، والعالم الرباني الشيخ/ محمد سالم
البيحاني ، والقاضي العلامة/ يحيى بن لطف الفسيل ، ويحيى الأشول .. ومن
العلماء الذين ساهموا في التدريس بالمعاهد .. الأخ العلامة الأواب/ محمد
مشعوف الأسلمي -رحمه الله- صاحب المواقف الشجاعة ، والعلامة أحمد بن أحمد
سلامة ، والشهيد المؤثر/ عبده محمد المخلافي ، وغيرهم من السلف ، والمجدد
الإمام محمد بن إبراهيم الوزير ، والإمام محمد بن إسماعيل الأمير ، والإمام
محمد بن علي الشوكاني ، والعلامة أحمد بن عبد الوهاب الوريث رئيس تحرير
مجلة الحكمة اليمانية ، والشهيد زيد بن علي الموشكي وغيرهم ،لأن في إحياء
ذكراهم دروساً وعبراً وموعظة وأسوة تستفيد منها الأجيال لاستمرار مواكب
الدعوة تصديقاً بقول الحق سبحانه ]وآخرون منهم لما يلحقوا بهم( . وأود
الصفح ، فقد أطلنا ولي مع الشهيد مواعيد أخرى


.


حسن بن يحيى بن علي الحسني الذاري


صباه ونشأته الأولى في القرية :

نشأ الشهيد منذ نعومة أظفاره على الكدر والتعب وشظف العيش فقد ماتت أمه وهو في بداية صباه .


وكان والده فقيراً فلم يقدر على تعليم ابنه ، واعتمد الوالد على ابنه في
رعي الأغنام ،وكانت حياة الطفل في تلك الأيام تبدأ من بعد صلاة الفجر
يومياً حين يؤديها مع والده ، ثم يأخذ أغنامه ويتجه بها إلى المرعى ولا
يعود بها إلا مع الغروب ، وعلى هذه الوتيرة سارت حياة الطفل .


ولكن الطفل كان طموحاً ولم يقنع بالحال التي هو فيها فقد كان يتطلع للتعليم
، وكم كان يحز في نفسه ويتألم من أعماقه حينما يشاهد أطفال القرية يروحون
ويغدون إلى معلم القرية فيتوق أن يكون مثلهم ، وكأن لسان حاله يقول : إنني
لم أخلق لرعي الغنم فقط .. ولكن لرعي الأمم أيضاً .


وأخذ الولد يلح على أبيه طالباً منه أن يتيح له الذهاب إلى معلم القرية ،
وعلى الأقل أسوة بأطفال القرية ممن هم في سنه ، ولكن الوالد يمنع ولده من
ذلك معللاً منعه بالفقر .. وظل الأمر كذلك .. حتى قيض الله تعالى أحد
الأقارب فأخذ الطفل ودفعه إلى معلم القرية وظل الطفل يتعلم على يد المعلم
فترة من الوقت ، ثم عاد إلى الرعي من جديد.. ثم درس في المعلامة" كُتًّاب
القرية ".


النبوغ المبكر :

مكث الشهيد في المعلامة حوالي أربع سنوات تعلم فيها القرآن الكريم وشيئاً
من أوليات العربية والحساب ، وتلقى في هذه الفترة قراءة القرآن الكريم كله ،
وحفظ خمسة عشر جزءاً منه عن ظهر قلب.


وإذا كان المثال يوضح المقال .. فإنني هنا أقارن بين الشهيد وبين أترابه
لنعرف نبوغه المبكر . إن أقرانه وأترابه يصير أحدهم بعد أربع سنوات من
دخوله المعلامة متقناً لبعض السور القصار من جزء عم، قراءة وحفظاً ، وقليل
منهم من يصل بقراءته للقرآن الكريم إلى نهاية جزء تبارك .


أما الشهيد فقد كان طرازاً آخر من الأطفال ، ولهذا وجدناه خلال فترة أربع
سنوات يستوعب ويفهم أكثر ما يستوعبه طفل آخر في نفس المدة .


وقد بدأ القدر بالشهيد منذ نعومة أظفاره بداية عجيبة تدل على ما سيكون له
من مستقبل عظيم ، فالبدايات تحدد النهايات ، والمثل الشعبي اليمني يقول :
الديك الفصيح يصيح من البيضة - أي يكأكأ - وهو لما يزل في داخل البيضة.


وما أعظمها من حياة تفتتح بالقرآن الكريم فيكون هو أول ما يرسخ في الذهن
والذاكرة ، ومن هنا تتفتح وتثمر ثماراً صالحة وطيبة ، وما ينبغي للقرآن
الكريم إلا أن يصنع كذلك . وليت الآباء يحفظون أبناءهم القرآن الكريم منذ
نعومة أظفارهم ، فهو الذي نفتتح به سائر أعمالنا .. في كل يوم .. وفي كل
مناسبة .. فإن عاشوا .. عاشوا وهم سعداء .. وإن ماتوا .. ماتوا على خير حال
وأسلمه


..

ينبوع العبقرية :

منذ أن عرف الشيهد نفسه في صباه عرفها وهو يتيم لا ينال ما يناله أترابه ..
عرفها وهو فقير .. يفتح عينه ويغلقها على منظر واحد هو منظر الغنم التي
كلف برعيها .


فهو إذاً في تعب وكد ومشقة .. لا يعرف اللعب واللهو كما يعرفه أقرانه ..
وأنى له ذلك ؟ ولقد كانت هذه الحياة الفقيرة مع ما واكبها من تدين فطري ..
ثم تعلم القرآن الكريم .. ثم مواظبة وحرص على القيام بتعاليم الإسلام ،
وعلى ذلك نشأ وترعرع .. فكانت هذه الحياة – لطفولته في القرية – بتلك
الكيفية هي التي أهلته للحياة المستقبلية .. ووضعت فيه الصفات والخصال التي
أوصلته إلى مصاف العظماء والعباقرة .


هجرته إلى مكة المكرمة :


بدافع العوز والحاجة والفقر اضطر والد الشهيد أن يدفع بابنه إلى طريق
الهجرة طلباً للرزق، وهكذا جرت العادة ومازالت عند كثير من أهل اليمن ..
وخرج الشهيد مع قافلة من أبناء قريته متجهة إلى مكة المكرمة في عام 1373هـ
1953م .. وصحب الوالد ولده .. وخرج مع القافلة ليودعه بعيداً عن القرية كما
كان يفعل الأهل والأقارب عند توديع أهلهم وأقاربهم.

المعاناة الأليمة :

وفي مكة المكرمة حط الشهيد رحاله مع رفقته في السفر .. وحط معهم الجوع رحاله ، بل ولازمهم ملازمة الظل لصاحبه .


ولا تسل عن الأيام التي طووها على الجوع ، حتى إن أحدهم ليخال الرغيف على
البعد هلالاً .. ولم يكن أمامهم غير ماء زمزم وحده .. فكان لهم قوتاً
وغذاءً بل وكل شيء في حياتهم .. وأخذ الشهيد يبحث عن عمل -أي عمل كان- فما
خرج مهاجراً إلا لطلب الرزق .. ووصية والده ما تزال تلوح في نفسه .. وما
يزال صوت والده يرن في أذنيه أن يجمع مالاً ليشتري به بندقية من نوع اشتهر
قبل الثورة في اليمن .. كانوا يسمونه بندق أبو ناظور .. وما أدراك ما
السلاح في اليمن .. إنه يعد من الضروريات .. وقد يصبر اليمني على أي شيء لا
يقدر على امتلاكه حتى الطعام نفسه .. ولكنه لا يصبر عن السلاح أبداً ..
لأن السلاح هو الدليل على رجولته وشجاعته .. وبه يتباهى ويتفاخر أمام الناس
.. وهناك أمر آخر أوصى به الوالد ابنه وهو أن يجمع مبلغاً آخر من المال
لينفقه على زواجه .. وعامة أهل اليمن يزوجون أبناءهم مبكراً .. وهي عادة
طيبة ثبت واقعياً حتى الآن أن محاسنها أكثر من مساوئها بكثير .


وقد واصل الشهيد بحثه عن أي عمل ولما لم يجد عملاً في مكة المكرمة .. أخذه
فاعل خير مع بعض رفقته إلى جدة .. وهناك عمل في البناء ونقل أدوات البناء
.. وسرعان ما ترك عمله هذا .. وعاد إلى مكة المكرمة .. لأن الشهيد في قرارة
نفسه كان يأمل بأمر آخر تماماً .. وهو أمر لا علاقة له بوصايا والده التي
كانت مسايرة للواقع ومن باب الاضطرار .


لقد أخفى الشهيد ما كان يأمله في قرارة نفسه .. ولم يبح بهذا الأمر لأحد ..
ولكنه ظل يعتلج في نفسه ، حتى تغلب هذا الأمر على كل ما عداه ، فما هو هذا
الأمر ؟


طلب العلم :


لقد كان الشيهد يتوق إلى طلب العلم ويحن إليه شوقاً كما تشتاق الأرض
المجدبة للمطر .. ويحزن لفقده كما تحزن الأم الثكلى لفقدان ولدها الوحيد .


وأخرج الشهيد ما كان يخفيه في قرارة نفسه باحثاً عن سبيل إلى العلم فكان من
توفيق الله تعالى له أن حصل على مكان بين طلاب العلم في الرباط اليماني في
الحرم المكي .. ثم انفتحت أمامه الأبواب المغلقة .. وجاءه الحظ يسعى .


فقد التحق الشهيد بدار الحديث .. ثم التحق في العام التالي بمدرسة ليلية ..
الدراسة فيها مجانية .. في الصف الرابع الابتدائي .. وحافظ على أعمال أخرى
ستذكر بعد قليل - إن شاء الله .


الواجبات أكثر من الأوقات :


ومنذ أن تبسم له الحظ وواتته الفرص ، نراه لا يضيع لحظة واحدة دون عمل ما
أو قراءة واطلاع .. فقد شغل أوقاته كلها .. ولم يبق لديه فراغ مطلقاً ..
وكلمة الفراغ لا توجد في لغة أصحاب الهمة ، فلا يوجد فراغ .. أولا يشكو من
الفراغ في حياته إلا عديم الهمة أو ضعيفها .. وأما الشهيد فأنى له أن يفرغ !
وكيف يفرغ أمثاله ممن يحملون الهموم بآلامها وشدتها !؟


والشهيد حمل من الهموم عظيماً وكثيراً فمنها : همَّ الغربة عن وطنه ..
وهمَّ طلب العلم .. وهمَّ توفير الحد الأدنى من الرزق لأهله .. ثم همَّ
الهموم ألا وهو إبلاغ الناس دعوة الله تعالى وتعليمهم أمور دينهم والأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر .. ولقد كان الشهيد منذ بدايات حياته في مكة
المكرمة يحس إحساساً قوياً – ترجمه واقعاً كما سنرى بعد قليل – بأن أمر
إبلاغ الناس وتعليمهم والقيام بأمر الإسلام قد يكون نفلاً وندباً على سواه
من الناس، أما عليه فهو فرض عين وواجب محتم .


ومع أنه كان يومها ضعيف البنية نحيلاً ، ولكنه يحمل بين جنبيه نفساً ذات همة عالية وعزيمة صارمة .


وإذا كـانت النفـوس كبـاراً تعبت في مرادها الأجسام


وكأن لسان حاله يقول :


ومن عرف الحقائق مات هماً وإن طـلب الإقالة لا يقال


لقد جمع الشهيد عدة أعمال في وقت واحد .. والعجيب أنه لم يخلّ بأحدها على حساب آخر .


وان كان المثل الشعبي اليمني يقول : صاحب الحرفتين كاذب -أي من يجمع بين
عملين فهو كذاب - لأنه ليس باستطاعة إنسان أن يجمع بين عملين في وقت واحد
.. وهذا المعنى صحيح إذا كنت تخاطب عامة الناس .. أما إذا كنت تخاطب شخصية
من طراز الشهيد ،أو تتحدث عنه فالأمر يختلف عنده وعند أمثاله من أرباب
الهمم العالية - على ندرتهم - وهم الذين تتكسر القواعد بين أيديهم ،وتتغير
الآراء والمفاهيم الصحيحة .. لأن أرباب الهمم العالية لديهم طراز خاص من
مقامهم ومستواهم من القواعد والآراء والمفاهيم.

وقد جمع الشهيد بين هذه الأعمال :

1- الدراسة بدار الحديث صباحاً .


2- بعد الظهر درس في الحرم على يد بعض المشائخ .. ومنهم : الشيخ /علي سعيد
الغيلي الذي درس على يديه كتاب التحفة السنية بشرح الآجرومية .. وفي الفقه
درس متن أبو شجاع .. كما تعلم شيئاً من الفرائض على يد الشيخ نفسه .


3- درس بالمدرسة الرحمانية مساءً .


4- عمل مراسلاً في نفس هذه المدرسة .


5- أمَّ الناسَ في مسجد " العتيبية " بمكة المكرمة .

المشاركة بأعمال أخرى :


وبالإضافة إلى ما سبق شارك الشهيد بكتابة المقالات في بعض الصحف السعودية
مثل صحيفتي ( حراء ،والندوة ) ونجد مقالاته الصحفية في هاتين الصحيفتين
خاصة في الأعداد الصادرة منها في الأعوام 75،76،1377هـ.



كما أنه كان مشاركاً فعالاً ومؤثراً في الاحتفالات والمناسبات التي كانت تقيمها مدرسته الليلية " الرحمانية " .


( في القــــــــــاهــــــــــرة )

الشهيد في القاهرة :


لو أن شخصاً آخر غير الشهيد مكث تلك السنوات الخمس بعيداً عن موطنه وأهله
وأحبابه ، لكان أول ما يخطر على باله هو أن يعود إلى وطنه ليتزوج وليبدأ في
تكوين أسرة له .. ويعود إلى وطنه حاملاً ما غلى ثمنه وخف حمله .



وهذا أمر واقعي ومعقول جداً فكل مهاجر لا بد أن يعود والحنين إلى الوطن -
كيفما يكون - أصيل في النفوس .. ولو لا حب الأوطان لخربت البلدان .



ولكن نفس الشهيد لم تكن تعرف ذلك ، لأنها نفس تطمح إلى المعالي وتكره سفاسف
الأمور .. بل ولا تحب ما يحبه عامة الناس من مألوفات ومحبوبات في الدنيا
.. فهو مثل عمر بن عبد العزيز في طموحه وتطلعه فقد طمح للزواج من الفتاة
الصالحة فاطمة بنت عبد الملك فتزوجها .. ثم طمحت نفسه إلى الخلافة فوليها
.. ثم تاقت نفسه إلى الجنة - أحسب أنه فيها ولا أزكي على الله أحداً .



وأعود إلى صاحب الترجمة فأقول إنه تطلع إلى إكمال دراسته في القاهرة ..
وبعد وقت قصير نجح الشهيد في الوصول إلى القاهرة وسافر إليها بالباخرة عبر
جدة ثم بور سعيد .




في مدينة البعوث الإسلامية :


التحق الشهيد بالأزهر في الصف الثالث الابتدائي حسب نظام الأزهر القديم وهو
يعادل الصف الأول الإعدادي .. ولبس الملابس التقليدية للطلبة الأزهريين
وهي الجبة والطربوش الأحمر والعمة .



ثم بعد شهور من التحاقه بالأزهر سنحت له الفرص أن يسكن في مساكن الطلاب
بمدينة البعوث الإسلامية ، وكان الشهيد يحصل على منحة شهرية من الأزهر
الشريف ومقدارها أربعة ونصف جنيه مصري ( ج.م ) وعاش عليها .



ثم حصل على منحة من السفارة اليمنية مقدارها خمسة (ج.م) ، وبعد الثورة في
اليمن اعتمدت لجميع الطلاب اليمنيين منح شهرية وزاد المبلغ الممنوح لكل
واحد منهم فكان كل طالب منهم يحصل على واحد وعشرين (ج.م) وهي جملة ما كان
يأخذه الفرد منهم من الأزهر أو من اليمن .



وفي الأزهر مكث الشهيد يطلب العلم طوال ست سنوات تقريباً فنال فيها الشهادة
الإعدادية الأزهرية .. وكاد يحصل على الثانوية الأزهرية لولا الأحداث
المأساوية التي ستُذكر قريباً إن شاء الله تعالى .




مع العلماء والمفكرين والزعماء :


كانت الفترة التي قضاها الشهيد في القاهرة فترة مخاض، فيها تشكلت نفسيته ،
ونضجت مداركه ، واستقام عوده ، وقوي خلقه .. وفيها ترسخت مفاهيم أساسية في
ذهنه وأضحت دستوراً لتعامله مع الناس .. وباختصار فقد كانت تلك الفترة فترة
تغيرات جذرية ، وتحولات كبيرة في نفسه وروحه وعقله .



ولأن الشهيد كان ذا نفسية أليفة مألوفة محببة إلى كل من يلقاه أو من يعرفه ،
فقد أقام الشهيد علاقات واسعة مع مجموعة كبيرة من العلماء والمفكرين
والزعماء المعروفين آنذاك والمتواجدين في القاهرة أو الذين يزورونها سواء
كانوا من أبناء مصر أو من أبناء العالم الإسلامي .



وكان الشهيد يزورهم في منازلهم أو في أماكن أعمالهم أو يتتبعهم في
محاضراتهم ودروسهم .. وسرعان ما يربط معهم علاقات وثيقة كانت مثار دهشة
زملائه وإخوانه.. إذ كيف يستطيع طالب في المرحلة الإعدادية أن يقيم علاقات
قوية مع كبار العلماء والمفكرين والزعماء .. وأي جرأة امتلكها الشهيد حتى
يقوم بذلك!؟



ومن العلماء المصريين الذين أقام معهم علاقات ودية وكان يزورهم باستمرار
الشيخ/ محمد الغزالي ، الشيخ/ محمد أبو زهرة ، والشيخ/ سيد سابق ، والشيخ/
أحمد حسن الشرباصي، والأستاذ/ عبد اللطيف دراز، والأستاذ/ محمد قطب،
والشيخ/ صلاح أبو إسماعيل عضو مجلس الشعب المصري الأسبق ، والدكتور/ عبد
الحميد سعيد ، ثم اللواء/ محمد صالح حرب رئيس جمعية الشبان المسلمين ،
والشيخ/ محمد بخيت المطيعي صاحب المجموع - أكمل كتاب المجموع الذي بدأ
الإمام النووي في تأليفه ومات قبل أن يكمله .



ومن مصر أيضا الأستاذ/ عبد الصبور شاهين والأستاذ/ البهي الخولي .. وغيرهم .



ومن اليمن عرف العلماء والزعماء والمفكرين اليمنيين الذين عاشوا في القاهرة
أو زاروها آنذاك ومنهم : الشهيد/ محمد محمود الزبيري ، والشيخ/ محمد سالم
البيحاني رحمه الله تعالى الذي زاره مراراً في مقر إقامته في فندق (جراند
هوتيل) في شارع فؤاد .



ومنهم أيضا القاضي/ عبد الرحمن الإرياني رئيس المجلس الجمهوري الأسبق ..
ومنهم أيضا الشيخ/ النقيب سنان أبو لحوم ، والأستاذ/ قاسم غالب أحمد .



ومن الجزائر : عرف المفكر الإسلامي مالك بن نبي رحمه الله تعالى .. وكانت
بينهما علاقات ودية .. وزاره مراراً في منزله . ومن العراق : عرف الأستاذ/
عبد الرحمن البزاز - كان يومها أستاذاً محاضراً في معهد جامعة الدول
العربية - وكان يأخذ منه محاضراته أولاً بأول ، ومن سوريا الشاعر الإسلامي
الكبير عمر بهاء الدين الأميري.



ومن الباكستان العلامة الإمام أبو الأعلى المودودي رحمه الله تعالى .. وزاره عدة مرات في مقر إقامته بالقاهرة لما زارها الأخير .
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shoura.yoo7.com
 
شهيد القرآن عبده بن محمد المخلافي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» منذر عبد محمد حسين الملا محمد
» ذياب عزيز محمد الملا محمد
» قصة طلحة بن عبيد الله شهيد يمشي علي وجه الأرض
» القرآن كاملا
» تفسير القرآن العظيم جزء عم

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات شباب الشورة الجديد :: قسم تأريخ الدول من مدن ,شخصيات ,علماء , احداث , حروب , ثورات , قادة-
انتقل الى: