منتديات شباب الشورة الجديد
صلاح الدين الأيوبي 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا صلاح الدين الأيوبي 829894
ادارة المنتدي صلاح الدين الأيوبي 103798
منتديات شباب الشورة الجديد
صلاح الدين الأيوبي 613623
عزيزي الزائر / عزيزتي الزائرة يرجي التكرم بتسجبل الدخول اذا كنت عضو معنا
او التسجيل ان لم تكن عضو وترغب في الانضمام الي اسرة المنتدي
سنتشرف بتسجيلك
شكرا صلاح الدين الأيوبي 829894
ادارة المنتدي صلاح الدين الأيوبي 103798
منتديات شباب الشورة الجديد
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات شباب الشورة الجديد

ثقافي/اجتماعي/اسلامي/رياضي
 
الرئيسيةالرئيسية  <iframe src="ht<iframe src="ht  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخولدخول  

 

 صلاح الدين الأيوبي

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ابو هويدي
المدير العام
المدير العام
ابو هويدي


العراق العراق : https://i.servimg.com/u/f84/14/04/99/05/123.gif
عدد المساهمات : 944
نقاط : 2947
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 16/09/2011
العمر : 47
الموقع : العراق

صلاح الدين الأيوبي Empty
مُساهمةموضوع: صلاح الدين الأيوبي   صلاح الدين الأيوبي Emptyالثلاثاء نوفمبر 08, 2011 2:30 pm


[center]صلاح الدين الأيوبي
الملك
الناصر أبو المظفر يوسف بن أيوب (1138 - 1193م)، المشهور بلقب صلاح الدين
الأيوبي قائد عسكري أسس الدولة الأيوبية التي وحدت مصر والشام والحجاز
واليمن في ظل الراية العباسية، بعد أن قضى على الخلافة الفاطمية التي
استمرت 262 سنة. قاد صلاح الدين عدّة حملات ومعارك ضد الفرنجة وغيرهم من
الصليبيين الأوروبيين في سبيل استعادة الأراضي المقدسة التي كان الصليبيون
قد استولوا عليها في أواخر القرن الحادي عشر، وقد تمكن في نهاية المطاف من
استعادة معظم أراضي فلسطين ولبنان بما فيها مدينة القدس، بعد أن هزم جيش
بيت المقدس هزيمة منكرة في معركة حطين.

كان
صلاح الدين مسلمًا متصوفًا اتبع المذهب السني والطريقة القادرية، وبعض
العلماء كالمقريزي وبعض المؤرخين المتأخرىن قالوا: إنه كان أشعريًا، وإنه
كان يصحب علماء الصوفية الأشاعرة لأخذ الرأي والمشورة، وأظهر العقيدة
الأشعرية. يشتهر صلاح الدين بتسامحه ومعاملته الإنسانية لأعدائه، لذا فهو
من أكثر الأشخاص تقديرًا واحترامًا في العالمين الشرقي الإسلامي والأوروبي
المسيحي، حيث كتب المؤرخون الصليبيون عن بسالته في عدد من المواقف، أبرزها
عند حصاره لقلعة الكرك في مؤاب، وكنتيجة لهذا حظي صلاح الدين باحترام خصومه
لا سيما ملك إنگلترا ريتشارد الأول "قلب الأسد"، وبدلاً من أن يتحول لشخص
مكروه في أوروبا الغربية، استحال رمزًا من رموز الفروسية والشجاعة، وورد
ذكره في عدد من القصص والأشعار الإنگليزية والفرنسية العائدة لتلك الحقبة.

نسبه ونشأته
ولد
صلاح الدين في تكريت بالعراق عام 532 هـ/1138م في ليلة مغادرة والده نجم
الدين أيوب قلعة تكريت حينما كان واليًا عليها، ويرجع نسب الأيوبيين إلى
أيوب بن شاذي بن مروان من أهل مدينة دوين في أرمينيا،[5] ويرجع ابن الأثير
نسب أيوب بن شاذي بن مروان إلى الأكراد الروادية وهم فخذ من الهذبانية،[5]
يقول أحمد بن خلكان: «قال لي رجل فقيه عارف بما يقول، وهو من أهل دوين، إن
على باب دوين قرية يُقال لها "أجدانقان" وجميع أهلها أكراد روادية، وكان
شاذي قد أخذ ولديه أسد الدين شيركوه ونجم الدين أيوب وخرج بهما إلى بغداد
ومن هناك نزلوا تكريت، ومات شاذي بها وعلى قبره قبة داخل البلد»،[6] بينما
يرفض بعض ملوك الأيوبيين هذا النسب وقالوا: «إنما نحن عرب، نزلنا عند
الأكراد وتزوجنا منهم".»[7] الأيوبيون نفسهم اختلفوا في نسبهم فالملك المعز
إسماعيل صاحب اليمن أرجع نسب بني أيوب إلى بني أمية وحين بلغ ذلك الملك
العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب قال كذب إسماعيل ما نحن من بني أمية
أصلاً،[7] أما الأيوبيون ملوك دمشق فقد أثبتوا نسبهم إلى بني مرة بن عوف من
بطون غطفان وقد أحضر هذا النسب على المعظم عيسى بن أحمد صاحب دمشق وأسمعه
ابنه الملك الناصر صلاح الدين داود.[7]


وقد
شرح الحسن بن داود الأيوبي في كتابه "الفوائد الجلية في الفرائد
الناصرية"[8] ما قيل عن نسب أجداده وقطع أنهم ليسوا أكرادًا، بل نزلوا
عندهم فنسبوا إليهم. وقال: "ولم أرَ أحداً ممن أدركتُه من مشايخ بيتنا
يعترف بهذا النسب".


كما
أن الحسن بن داود قد رجَّح في كتابه صحة شجرة النسب التي وضعها الحسن بن
غريب، والتي فيها نسبة العائلة إلى أيوب بن شاذي بن مروان بن أبي علي
(محمد) بن عنترة بن الحسن بن علي بن أحمد بن أبي علي بن عبد العزيز بن
هُدْبة بن الحُصَين بن الحارث بن سنان بن عمرو بن مُرَّة بن عُوف بن أسامة
بن بَيْهس بن الحارث بن عوف بن أبي حارثة بن مُرّة بن نَشبَة بن غَيظ بن
مرة بن عوف بن لؤي بن غالب بن فِهر (وهو جد قريش).


وكان
نجم الدين والد صلاح الدين قد انتقل إلى بعلبك حيث أصبح واليًا عليها مدة
سبع سنوات وانتقل إلى دمشق، وقضى صلاح الدين طفولته في دمشق حيث أمضى فترة
شبابه في بلاط الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي أمير دمشق.[9] إن
المصادر حول حياة صلاح الدين خلال هذه الفترة قليلة ومبعثرة، لكن من
المعروف أنه عشق دمشق عشقًا شديدًا، وتلقى علومه فيها، وبرع في دراساته،
حتى قال عنه بعض معاصريه أنه كان عالمًا بالهندسة الإقليدية والرياضيات
المجسطية وعلوم الحساب والشريعة الإسلامية،[10] وتنص بعض المصادر أن صلاح
الدين كان أكثر شغفًا بالعلوم الدينية والفقه الإسلامي من العلوم العسكرية
خلال أيام دراسته.[11] وبالإضافة إلى ذلك، كان صلاح الدين ملمًا بعلم
الأنساب والسير الذاتية وتاريخ العرب والشعر، حيث حفظ ديوان الحماسة لأبي
تمام عن ظهر قلب، أيضًا أحب الخيول العربية المطهمة، وعرف أنقى سلالاتها
دمًا.[10]

بدايته
كانت
الدولة العباسية قد تجزأت إلى عدّة دويلات بحلول الوقت الذي ظهر فيه صلاح
الدين، في أواسط القرن الثاني عشر، فكان الفاطميون يحكمون مصر ويدعون
لخلفائهم على منابر المساجد ولا يعترفون بخلافة بغداد، وكان الصليبيون
يحتلون الشاطئ الشرقي للبحر المتوسط من آسيا الصغرى إلى شبه جزيرة سيناء،
والأتابكة يسيطرون على شمال العراق وسوريا الداخلية.

لمع نجم صلاح الدين في سماء المعارك والقيادة العسكرية عندما أقبل الوزير الفاطمي شاور بن مجير السعدي
إلى الشام فارًا من مصر، وهربًا من الوزير ضرغام بن عامر بن سوار الملقب
فارس المسلمين اللخمي المنذري لما استولى على الدولة المصرية وقهره وأخذ
مكانه في الوزارة وقتل ولده الأكبر طيء بن شاور، مستغيثًا بالملك نور الدين
زنكي في دمشق وذلك في شهر رمضان سنة 558هـ ودخل دمشق في 23 من ذي القعدة
من السنة نفسها، فوجه نور الدين معه أسد الدين شيركوه بن شاذي في جماعة من
عسكره كان صلاح الدين، ابن الستة والعشرين ربيعًا،[13] في جملتهم في خدمة
عمه وخدمة جيش الشام وهو كاره للسفر معهم،[6] وكان لنور الدين في إرسال هذا
الجيش هدفان؛ قضاء حق شاور لكونه قصده، وأنه أراد استعلام أحوال مصر فإنه
كان يبلغه أنها ضعيفة من جهة الجند وأحوالها في غاية الاختلال فقصد الكشف
عن حقيقة ذلك.[6] وكان نور الدين كثير الاعتماد على شيركوه لشجاعته ومعرفته
وأمانته فانتدبه لذلك، وجعل أسد الدين شيركوه ابن أخيه صلاح الدين مقدم
عسكره وشاور معهم فخرجوا من دمشق على رأس الجيش في جمادى الأولى سنة 559هـ
ودخلوا مصر وسيطروا عليها واستولوا على الأمر في رجب من السنة
نفسها،[6][14] ومن المعروف أن صلاح الدين لم يلعب دورًا كبيرًا خلال هذه
الحملة الأولى، بل اقتصر دوره على مهمات ثانوية.[15]


ولمّا
وصل أسد الدين وشاور إلى الديار المصرية واستولوا عليها وقتلوا الوزير
ضرغام وحصل لشاور مقصوده وعاد إلى منصبه وتمهدت قواعده واستمرت أموره، غدر
بأسد الدين شيركوه واستنجد بالفرنجة عليه فحاصروه في بلبيس ثلاثة أشهر،[16]
وكان أسد الدين قد شاهد البلاد وعرف أحوالها، ولكن تحت ضغط من هجمات مملكة
القدس الصليبية والحملات المتتالية على مصر بالإضافة إلى قلة عدد الجنود
الشامية أجبر على الانسحاب من البلاد.[17] وبلغ إلى علم نور الدين في دمشق
وكذلك أسد الدين مكاتبة الوزير شاور للفرنجة وما تقرر بينهم فخافا على مصر
أن يملكوها ويملكوا بطريقها جميع البلاد هناك فتجهز أسد الدين في قيادة
الجيش وخرج من دمشق وأنفذ معه نور الدين العساكر وصلاح الدين في خدمة عمه
أسد الدين، وكان وصول أسد الدين إلى البلاد مقارنًا لوصول الفرنجة إليها،
فاتفقوا مع الفاطميين عليه، فاشتبكوا في أوّل معركة كبيرة في صحراء الجيزة،
وفي تلك المعركة لعب صلاح الدين دورًا كبيرًا، حيث كان جيش المصريين
والفرنجة يفوق جيش الشام عددًا، فرأى شيركوه أن يجعل صلاح الدين على القلب
لاعتقاده بأن الفرنجة سيحملون على القلب ظنًا منهم أن شيركوه سيكون في
القلب، وتولّى شيركوه قيادة الميمنة مع شجعان من جيشه، وسُلّمت قيادة
الميسرة إلى جمع من القادة الكرد. عند بداية المعركة، حمل الصليبيون على
القلب، الذين تقهقروا بانتظام أمام هذا الهجوم، ليطوّقهم بعد ذلك شيركوه
وجنوده في صورة من صور تكتيك الكماشة.[18] يرى بعض المؤرخين الغربيين أن
وعورة الأرض وكثافة الرمال وثقل الجياد الأوروبية والجنود الفرنجة
المدرعين، أسهمت في جعلت الآية تنقلب عليهم، فهزمهم جيش الشام، واستطاع
صلاح الدين أسر أحد قادة الجيش الصليبي عندما هاجم جناحه، وهو صاحب
قيسارية.

بعد
هذا الانتصار، توجه أسد الدين إلى مدينة الإسكندرية المعروفة بكرهها لشاور،
وفتحت له أبوابها.[18][20] سرعان ما أعاد عموري الأول ملك بيت المقدس،
وشاور ترتيب الجيش، وعلى الرغم من الخسائر الكبيرة التي لحقت بهما فكان لا
يزال جيشهما أكثر عددًا من جيش أسد الدين،[20] وضربوا حصارًا قاسيًا على
الإسكندرية. بدأت ملامح المجاعة تلوح في الأفق فقرر أسد الدين التسلل مع
حامية إلى خارج الإسكندرية واستخلف صلاح الدين عليها،[21] متوجهًا إلى مصر
العليا أملاً بأن تلحق به جيوش عموري إلا أن شاور أشار بأهمية
الإسكندرية،[22] ليستمر الحصار عليها. ترى المصادر الصليبية أن أسد الدين
تسلل من الإسكندرية لما ساءت الأمور فيها، وأنه أرسل في التفاوض على أن
يخرج كلا الجيشين من مصر، وعلى ألا يعاقب أهالي الإسكندرية للدعم الذي
قدموه.[22][23] كان من أهم أسباب موافقة عموري على هذه الصفقة إغارة نور
الدين زنكي على إمارة طرابلس، مما أدى إلى خوف عموري الأول على أراضيه في
الشام.[24] في حين ترى المصادر العربية أن أسد الدين افترق عن صلاح الدين
مباشرة بعد الدخول إلى الإسكندرية، وراح يغير على صعيد مصر. حين اشتد
الحصار على الإسكندرية تحرك نحوها، فلقفه الصليبيون في الصلح ووافق على ذلك
على أن يخرج جيشا الفرنجة والشام من مصر.[18][25] ليخرج جيش الشام من مصر
في 29 شوال سنة 562 هـ، الموافق فيه 18 أغسطس سنة 1167م.[22]


عاد
أسد الدين من دمشق إلى مصر مرة ثالثة، وكان سبب ذلك أن الإفرنج جمعوا
فارسهم وراجلهم وخرجوا يريدون مصر نظرًا لتخلف شاور عن دفع الإتاوة إلى
الحامية الصليبية الموجودة في مصر، إضافة إلى وجود شائعات تفيد بأن الكامل
بن شاور تقدم للزواج من أخت صلاح الدين.[26] فلما بلغ ذلك أسد الدين ونور
الدين في الشام لم يسعهما الصبر فسارعا إلى مصر، أما نور الدين فبالمال
والجيش ولم يمكنه المسير بنفسه للتصدي لأي محاولة من قبل الإفرنج، وأما أسد
الدين فبنفسه وماله وإخوته وأهله ورجاله، وسار الجيش. وكان شاور لما أحس
بخروج الإفرنج إلى مصر، سيّر إلى أسد الدين في دمشق يستصرخه ويستنجده فخرج
مسرعًا وكان وصوله إلى مصر في شهر ربيع الأول سنة 564هـ، ولما علم الملك
عموري الأول بوصول أسد الدين على رأس الجيش من دمشق إلى مصر قرر مباغتته
عند السويس، لكن أسد الدين أدرك ذلك فاتجه نحو الجنوب متجاوزًا الصليبيين.
فما كان من عموري إلا الجلاء عن أرض مصر في 2 يناير سنة 1169م، ليدخل أسد
الدين القاهرة في 7 ربيع الآخر سنة 564 هـ، الموافق فيه 8 يناير سنة 1169م،
وأقام أسد الدين بها يتردد إليه شاور في الأحيان وكان وعدهم بمال في مقابل
ما خسروه من النفقة فلم يوصل إليهم شيئا، وعلم أسد الدين أن شاور يلعب به
تارة وبالإفرنج أخرى، وتحقق أنه لا سبيل إلى الاستيلاء على البلاد مع بقاء
شاور فأجمع رأيه على القبض عليه إذا خرج إليه، وفي 17 ربيع الآخر، الموافق
فيه 18 يناير، ألقي القبض على شاور وأصدر الخليفة الفاطمي، العاضد لدين
الله، أمرًا بقتله وعيّن أسد الدين كوزير

تأسيس الدولة في مصر
تولّي الوزارة وإسقاط الدولة الفاطمية
كانت
مصر قبل قدوم صلاح الدين مقر الدولة الفاطمية، ولم يكن للخليفة الفاطمي
بحلول ذلك الوقت سوى الدعاء على المنابر، وكانت الأمور كلها بيد الوزراء،
وكان وزير الدولة هو صاحب الأمر والنهي،[28] لذا أصبح أسد الدين شيركوه هو
الرجل الأول في البلاد، ودام على هذا الحال وصلاح الدين يُباشر الأمور
مقررًا لها لمكان كفايته ودرايته وحسن رأيه وسياسته طيلة شهران من
الزمان،[29] عندما توفي أسد الدين، فأسند الخليفة الفاطمي الوزارة لصلاح
الدين.[27][30] يذكر المؤرخون، وفي مقدمتهم عماد الدين الأصفهاني، أنه بعد
وفاة شيركوه وانقضاء مدة الحداد، طالب الزنكيون، أمراء دمشق، طالبوا
الخليفة الفاطمي بل ضغطوا عليه حتى يجعل صلاح الدين وزيرًا له، وقد قبل
الخليفة ذلك على الرغم من المنافسة الحادة التي كانت الدويلات الإسلامية
تشهدها في تلك الفترة من الزمن، للسيطرة على الأراضي العربية، لشدة ضعف
الدولة الفاطمية وقوّة الزنكيين وشعبيتهم، وشعبية صلاح الدين نفسه بين
الناس وأمراء الشام، بعد ما أظهره من حسن القيادة والتدبير في المعارك.[31]
على الرغم من هذا التأييد، لم يمرّ تولّي صلاح الدين وزارة مصر بسلام، فقد
تعرّض بعد بضعة أشهر من توليه لمحاولة اغتيال من قبل بعض الجنود والأمراء
الفاطميين، وتبيّن أن المحرّض الرئيسي على هذا كان مؤتمن الخليفة وكان
خصيًا بقصر العاضد لدين الله، وكان هذا الخصي يتطلع إلى الحكم فيه والتقدم
على من يحويه[27] فقُبض عليه وأًعدم، فحاك أرباب المصالح مؤامرة أخرى، حيث
حقنوا 50,000 جندي من فوج الزنوج بالحقد والكره، وثاروا حميّةً على الوزير
الجديد في القاهرة، لكنه استطاع أن يقمعهم ويكسر شوكتهم، وكانت تلك آخر
انتفاضة ضد صلاح الدين تقع في المدينة.


بعد
سقوط مصر في أيدي الزنكيين، أرسل الملك عموري رسله لإرسال حملة صليبية
جديدة شارحًا خطورة الأمر والتغير في ميزان القوى في المنطقة، فاستجاب
البابا إسكندر الثالث وبعث رسائل إلى ملوك أوروبا، لكنها لم تجد أذنًا
صاغية.[33] في حين نجح الرسول المرسل إلى القسطنطينية بسبب إدراك
الإمبراطور مانويل كومنينوس اختلال توازن القوى في المنطقة. فعرض تعاون
الأسطول الإمبراطوري مع حملة عموري الأول، الذي وجد الفرصة مناسبة بسبب
انشغال الملك نور الدين زنكي في مشاكله الداخلية، إضافة إلى وفاة أسد الدين
شيركوه وتعيين صلاح الدين خلفًا له والذي كان الملك عموري يراه شخصًا غير
المحنك.

استعد
صلاح الدين بشكل جيد، فقد استطاع التخلص من حرس قصر الخليفة العاضد لدين
الله واستبداله بحرس موالين له.[35] وكان ذلك لتأخر الحملة الصليبية ثلاث
أشهر منذ انطلاقها في 13 شوال سنة 564هـ، الموافق فيه 10 يوليو سنة 1169م،
بسبب عدم حماسة الأمراء والبارونات الصليبيبن للمعركة بعد المعارك الأخيرة
التي هُزموا فيها،[34] استهل الصليبيون حملتهم بحصار مدينة دمياط في 1 صفر
سنة 565 هـ، الموافق فيه 25 أكتوبر سنة 1169م، فأرسل صلاح الدين قواته
بقيادة شهاب الدين محمود وابن أخيه تقي الدين عمر، وأرسل إلى نور الدين
زنكي يشكو ما هم فيه من المخافة ويقول: «إن تأخرت عن دمياط ملكها الإفرنج،
وإن سرت إليها خلفني المصريون في أهلها بالشر، وخرجوا من طاعتي، وساروا في
أثري، والفرنج أمامي؛ فلا يبقى لنا باقية»، وقال نور الدين في ذلك: «إني
لأستحي من الله تعالى أن أبتسم والمسلمون محاصرون بالفرنج». فسار نور الدين
إلى الإمارات الصليبية في بلاد الشام وقام بشن الغارات على حصون الصليبيبن
ليخفف الضغط عن مصر. وقامت حامية دمياط بدور أساسي في الدفاع عن المدينة
وألقت سلسلة ضخمة عبر النهر، منعت وصول سفن الروم إليها، وهطلت أمطار غزيرة
حولت المعسكر الصليبي إلى مستنقع فتهيؤا للعودة وغادروا دمياط بعد حصار
دام خمسين يومًا، بعد أن أحرقوا جميع أدوات الحصار. وعندما أبحر الأسطول
البيزنطي، هبت عاصفة عنيفة، لم يتمكن البحارة - الذين كادوا أن يهلكوا
جوعًا - من السيطرة على سفنهم فغرق معظمهم.


لاحق
صلاح الدين وجيشه فلول الجيش الصليبي المنسحب شمالاً حتى اشتبك معهم في
مدينة دير البلح سنة 1170م، فخرج الملك عموري الأول وحاميته من فرسان
الهيكل من مدينة غزة لقتال صلاح الدين، لكن الأخير استطاع تفادي الجيش
الصليبي وحوّل مسيرته إلى غزة نفسها حيث دمّر البلدة التي بناها الصليبيون
خارج أسوار المدينة. تفيد بعض الوثائق أنه خلال هذه الفترة، قام صلاح الدين
بفتح قلعة إيلات التي بناها الصليبيون على جزيرة صغيرة في خليج العقبة في
10 ربيع الآخر 566 هـ، على الرغم من أنها لم تمثل تهديدًا للبحرية
الإسلامية، إلا أن فرسانها كانوا يتعرضون في بعض الأحيان للسفن والقوارب
التجارية الصغيرة.


بعد
هذا الانتصار، ثبّت الزنكيون أقدامهم في مصر، وأصبح من الواضح أن الدولة
الفاطمية تلفظ أنفاسها الأخيرة، فأرسل نور الدين إلى صلاح الدين طالبًا
إياه بإيقاف الدعاء إلى الخليفة الفاطمي والدعاء إلى الخليفة العباسي في
مساجد مصر. لم يرغب صلاح الدين من الامتثال لهذا الأمر خوفًا من النفوذ
الشيعي في مصر، وأخذ يراوغ في تأخير الأمر، إلا أن نور الدين هدد صلاح
الدين بالحضور شخصيًا إلى القاهرة. فاتخذ صلاح الدين الإجراءات الشرطية
اللازمة، لكن لم يتجرأ أحد على القيام بذلك، إلى أن جاء شيخ سني من الموصل
زائر وقام في المسجد الأزهر وخطب للخليفة العباسي المستضيء بأمر الله في
أول جمعة من سنة 567 هـ، الموافق في شهر سبتمبر من سنة 1171م، لتحذو
القاهرة كلها حذوه، في الوقت الذي كان فيه العاضد لدين الله على فراش الموت
مريضًا، ولم يلبث العاضد طويلاً حتى فارق الحياة، فأصبح صلاح الدين الدين
الحاكم الفعلي في مصر، ليس لأحدٍ فيها كلمة سواه، ونقل أسرته ووالده نجم
الدين إليها ليكونوا له أعوانًا مخلصين، وبهذا زالت الدولة الفاطمية تمامًا
بعد أن استمرت 262 سنة.

سلطان مصر
أخذ
صلاح الدين يقوّي مركزه في مصر بعد زوال الدولة الفاطمية، ويسعى من أجل
الاستقلال بها، فعمل على كسب محبة المصريين، وأسند مناصب الدولة إلى أنصاره
وأقربائه، وعزل قضاة الشيعة واستبدلهم بقضاة شافعيون، وألغى مجالس الدعوة
وأزال أصول المذهب الشيعي الإسماعيلي. ثم أبطل الأذان بحي على خير العمل
محمد وعلي خير البشر، وأمر في يوم الجمعة العاشر من ذي الحجة سنة 565هـ،
الموافقة سنة 1169م، بأن يذكر في خطبة الجمعة الخلفاء الراشدون جميعًا: أبو
بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب، كما أسس
مدرستين كبيرتين في الفسطاط هما المدرسة الناصرية، والمدرسة الكاملية حتى
يُثبّت مذهب أهل السنة في البلاد، وكانت هاتان المدرستان تُلقنا علوم
الشريعة وفق المذهبين المالكي والشافعي.


وتخوّف
نور الدين زنكي من تزايد قوة تابعه صلاح الدين، وكانت العلاقة بينهما على
فتور أصلاً منذ أن تولّى صلاح الدين الحكم في مصر. بدأت هذا التوتر في
العلاقة يظهر عندما تأخر صلاح الدين في الخطبة للخليفة العباسي في بغداد،
حتى هدده نور الدين بالمسير إليه، وظهر أيضًا عندما أرسل صلاح الدين يطلب
من نور الدين أن يرسل إليه إخوته فلم يجبه إلى ذلك وقال: "أخاف أن يخالف
أحد منهم عليك فتفسد البلاد". وازداد الخلاف بينهما في سنة 567 هـ،
الموافقة سنة 1172م، حتى أصبح وحشةً، وذلك عندما اتفقا على حصار قلعتيّ
الكرك ومدينة الشوبك في صحراء الأردن، ورجع صلاح الدين إلى مصر، قبل أن
يلتقي بنور الدين، خوفًا من أن يعزله الأخير عن مصر، وأن تؤدي السيطرة على
القلعتين إلى فتح الطريق أمام نور الدين إلى القاهرة، فانسحب صلاح الدين
متذرعًا بالأوضاع الخطيرة في مصر، فعظم الأمر على نور الدين، حتى قرر
المسير إلى مصر. لما علم صلاح الدين بذلك جمع مقربيه وشاورهم بالأمر فمنهم
من نصح بمقاتلة نور الدين إلا أن والده وخاله منعوه من ذلك وطالبه والده
بإرسال رسائل الاعتذار والتبرير لنور الدين، لكن نور الدين لم يقتنع بأي من
تلك التبريرات، وعزم على تسيير حملة إلى مصر لخلع صلاح الدين في أقرب فرصة
متاحة.

وفي
صيف سنة 1172م، وردت أنباء تفيد بأن جيشًا من النوبيين ترافقه عناصر
أرمنيّة قد بلغ حدود مصر ويُحضّر لحصار أسوان، فطلب أميرها المعونة
العسكرية من صلاح الدين، فأرسل إليه تعزيزات بقيادة شقيقه الأكبر، توران
شاه، أرغمت النوبيين على الانسحاب. عاد الجيش النوبي إلى مصر في سنة 1173م،
لكنه رُدّ على أعقابه في هذه المرة أيضًا، بل تعقبه الجيش الأيوبي حتى
بلاد النوبة، وفتح بلدة قصر إبريم. وفي ذلك الوقت، كان نور الدين زنكي لم
يتخذ أي خطوة عسكرية تجاه صلاح الدين بعد، لكنه طالبه بإعادة مبلغ 200,000
دينار كان نور الدين قد خصصه لتمويل حملة أسد الدين شيركوه التي نجحت في
فتح البلاد والقضاء على النفوذ الصليبي والفاطمي فيها، فدفع صلاح الدين
60,000 دينار، وأرفقها بحمل من أفضل البضائع وبعض الجواهر، إضافة لحصان
عربي أصيل، وفيل، واعتبر ذلك وفاءً للدين. استغل صلاح الدين فرصة مروره في
الأراضي الشامية الصليبية لتوصيل الأموال والهدايا إلى دمشق، وأغار على بعض
معاقل البدو في الصحراء ليحرم الصليبيين من فرصة الاستعانة بمتقفي الأثر
أو أدلاء محليين يرشدونهم في حال قرروا مهاجمة مصر أو الأراضي الإسلامية
المجاورة لهم، وجرى بينه وبين الإفرنج عدّة وقعات. وفي أثناء وجود صلاح
الدين في الشام، أصيب والده نجم الدين أيوب بحادث أثناء امتطائه جواده،
وتوفي في 27 ذي الحجة 568 هـ، بعد أيام قليلة قبل وصول صلاح الدين إلى
مصر.[54] وفي سنة 1174م، الموافقة سنة 569هـ، بلغ صلاح الدين أن رجلاً
باليمن استولى عليها، وملك حصونها يسمى عبد النبي بن مهدي، ولمّا تبيّن له
قوّة جيشه وكثرة جنوده، سيّر صلاح الدين أخاه شمس الدولة توران شاه إلى
اليمن، فقتل ابن مهدي، وأخذ البلاد منه،[55] عندئذ أعلنت الحجاز انضمامها
إلى مصر أيضًا.


أخذ
نور الدين زنكي يجمع جيشًا ضخمًا في ربيع سنة 1174م، في محاولة لخلع صلاح
الدين في مصر على ما يبدو، فأرسل رسلاً إلى الموصل وديار بكر والجزيرة
الفراتية يحثون الرجال ويدعونهم للجهاد، غير أن تلك الحملة لم يُكتب لها أن
تتم، إذ وقع نور الدين في أوائل شوال من سنة 569 هـ، الموافقة في شهر مايو
من سنة 1174م بالذبحة الصدرية وبقي على فراش المرض أحد عشر يوما ليتوفى في
11 شوال سنة 569 هـ، الموافق فيه 15 مايو سنة 1174م، وهو في التاسعة
والخمسين من عمره،[56] وبوفاة نور الدين، استحال صلاح الدين سيد مصر الأوحد
بشكل فعليّ، حيث استقل عن كل تبعية سياسية، ويُقال أنه أقسم آنذاك أن
يُصبح سيفًا مسلولاً على أعدائه وأعداء الإسلام،[57] وأصبح هو رأس أقوى
سلالة حاكمة إسلامية في ذلك العهد، هي السلالة الأيوبية، لذا جرت عادة
المؤرخين على تسمية المناطق التي خضعت لسلطانه وسلطان تابعيه بالدولة
الأيوبية


ضم الشام
فتح دمشق
كان
نور الدين زنكي قد استخلف ولده الملك الصالح إسماعيل ذي الأحد عشر ربيعًا،
أميرًا على دمشق، وبعد أن توفي نور الدين كان أمام صلاح الدين خياران
أحلاهما مرّ:[57] إما أن يُهاجم الممالك الصليبية من مصر ويتركها مفتوحة
وعرضة لهجمات بحرية أوروبية وبيزنطية، أو أن ينتظر حتى يستنجد به الملك
الصالح خصوصًا وأنه ما زال صبيًا لا يستقل بالأمر ولا ينهض بأعباء الملك،
كذلك كان أمام صلاح الدين خيار حاسم، وهو أن يدخل دمشق ويسيطر عليها ويتولى
شؤون البلاد بنفسه، ويُحضرها لقتال الصليبيين، غير أنه تردد في إتيان
الخيار الأخير، بما أنه قد يُنظر إليه حينها أنه قد شق عصا الطاعة ونكر
المعروف والاحترام المتبادل والثقة التي منحه إياها نور الدين زنكي عندما
ولاّه قيادة الجيوش بعد وفاة أسد الدين شيركوه، وساعده على تمكين منصبه في
مصر، وعندها قد لا ينظر إليه الجنود والناس أنه جدير بقيادة جيش المسلمين.
لذا فضّل صلاح الدين انتظار دعوة من الملك الصالح، أو أن ينذره بنفسه من
احتمال تصاعد الخطر الصليبي على دمشق.[58]


واختلفت
الأحوال بالشام، فنُقل الصالح إسماعيل إلى حلب وعُين سعد الدولة كمشتكين،
أمير المدينة وكبير قدامى الجنود الزنكيين، وصيًا عليه حتى يبلغ أشدّه،
وسرعان ما طمع كمشتكين بتوسيع رقعة نفوذه حتى تشمل باقي مدن الشام الداخلية
والجزيرة الفراتية، وقرر فتح دمشق، فراسل أمير المدينة، شمس الدين بن
المقدم سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود أمير الموصل وابن عم الملك
الصالح إسماعيل، طالبًا منه التدخل للمساعدة، لكنه رفض، فكاتب شمس الدين بن
المقدم صلاح الدين،[59][60] فتجهز من مصر في جيش كثيف وترك بها من يحفظها
وقصد دمشق مظهرًا أنه يتولى مصالح الملك الصالح. تكوّن جيش صلاح الدين من
700 خيّال، عبر بهم الكرك وصولاً إلى بصرى، وفي أثناء الطريق انضمت إلى
الجيش جموع من الكرد والعرب من أمراء وأحرار وبدو "سماهم في وجوههم" كما
ورد على لسان صلاح الدين.[61] دخل الجيش دمشق في شهر ربيع الأول من عام
570هـ، الموافق فيه شهر نوفمبر من سنة 1174م، وأول ما دخل صلاح الدين كان
دار أبيه وهي الدار المعروفة بالشريف العقيقي، واجتمع الناس إليه وفرحوا به
وأنفق في ذلك اليوم مالاً جليلاً وأظهر السرور بالدمشقيين، وصعد القلعة
وتسلمها من نائب القلعة الطواشي جمال الدين ريحان بعد 4 أيام من وصوله.[59]

فتوحات الشام الداخلية
استناب
صلاح الدين أخاه سيف الإسلام طغتكين على دمشق قبل انطلاقه لضم باقي مدن
الشام الداخلية التي استحالت مستقلة عن أي تبعيّة بحكم الأمر الواقع بعد
وفاة نور الدين زنكي، فغنم حماة بسهولة، وعدل عن حصار مدينة حمص لمناعة
أسوارها،[62] ثم حوّل أنظاره نحو حلب وهاجمها بعد أن رفض أميرها "كمشتكين"
الخضوع،[63] وخرج الصالح إسماعيل إلى الناس وجعل يُخاطبهم ويحثهم ألاّ
يسلموا المدينة إلى جيش غاز، وقد قال أحد المؤرخين الأيوبيين أن كلمات
الصالح إسماعيل أمام الناس كانت "كأثر سحر ساحر" على السكان.[64]


راسل
كمشتكين شيخ الحشاشين المدعو رشيد الدين سنان، الذي كان على خلاف مع صلاح
الدين ويمقته مقتًا شديدًا بعد أن أسقط الدولة الفاطمية، واتفق معه على أن
يقتل صلاح الدين في قلب معسكره،[65] فأرسل كتيبة مكونة من ثلاثة عشر حشاشًا
استطاعت التغلغل في المعسكر والتوجه نحو خيمة صلاح الدين، إلا أن أمرهم
انفضح قبل أن يشرعوا بالهجوم، فقُتل أحدهم على يد أحد القادة، وصُرع
الباقون أثناء محاولتهم الهرب.[64][66]


وفي
أثناء ذلك، تحرّك ريموند الثالث صاحب طرابلس لمهاجمة حمص، وحشد جيشه
بالقرب من النهر الكبير الجنوبي، على الحدود اللبنانية السورية الشمالية
حاليًا، لكنه سرعان ما تراجع عن تحقيق هدفه، لمّا بلغه أن صلاح الدين قد
أرسل فرقة عسكرية كبيرة مجهزة بالعتاد اللازم لتنضم إلى حامية
المدينة.[60][67] وفي غضون هذا الوقت كان أعداء صلاح الدين في الشام
والجزيرة الفراتية يطلقون حملات مضادة له ويهجونه كلّما سنحت الفرصة،
فقالوا أنه نسي أصله، فهو ليس سوى خادم للملك العادل نور الدين زنكي، بل
خادم ناكر للمعروف لا يؤتمن على شيء، خان سيده ومولاه ونفى ولده من بلاد
أبيه إلى بلاد أخرى، وجعل يُحاصرها بعد ذلك. فردّ صلاح الدين على تلك
الحملات الشرسة قائلاً أنه لم يُحاصر حلب ولم يحضر إلى الشام منذ البداية
إلا لحماية دار الإسلام والمسلمين من الجيوش الصليبية، وليستعيد ما سُلب من
الأراضي المقدسة، وإن هذه مهمة لا يمكن أن يتولاها صبي لم يبلغ أشدّه بعد،
ويسهل التلاعب به من قبل أصحاب النفوس الخبيثة. وليُطمئن الناس أكثر، سار
صلاح الدين على رأس جيشه إلى حماة ليُقاتل فرقة صليبية أُرسلت لفتح
المدينة، إلا أن الصليبيين انسحبوا قبل اللقاء بعد أن بلغهم حجم الجيش
الأيوبي،[67] فدخل صلاح الدين المدينة بسهولة، وتسلّم قلعتها في شهر مارس
من سنة 1175م، بعد مقاومة عنيفة من حاميتها.[68]


بعد
هذه الأحداث، علم سيف الدين غازي بن قطب الدين مودود بن عماد الدين زنكي
صاحب الموصل أن صلاح الدين قد استفحل أمره وعظم شأنه، وخاف إن غفل عنه
استحوذ على البلاد واستقرت قدمه في الملك وتعدى الأمر إليه، فأنفذ عسكرًا
وافرًا وجيشًا عظيمًا وقدّم عليه أخاه عز الدين مسعود بن قطب الدين مودود
وساروا يريدون لقاءه ليردوه عن البلاد،[6] فلما بلغ صلاح الدين ذلك فك
الحصار عن حلب في مستهل رجب من السنة عائدًا إلى حماة استعدادًا للقائهم.
وعندما وصل عز الدين مسعود إلى حلب، إنضم إلى جيشه عسكر ابن عمه الملك
الصالح إسماعيل بن نور الدين، وخرجوا في جمع عظيم، فلما عرف صلاح الدين
بمسيرهم سار حتى وافاهم على قرون حماة وراسلهم وراسلوه واجتهد أن يصالحوه
فما صالحوه، ورأوا أن ضرب المصاف معه ربما نالوا به غرضهم،[6] والتقى
الجمعان عند قرون حماة بقرب نهر العاصي، ووقعت بينهما معركة عظيمة هزم فيها
الزنكيون على يد صلاح الدين، وأُسرت جماعة منهم، وذلك في التاسع عشر من
شهر رمضان من سنة 570 هـ،[60] الموافقة في 23 أبريل من سنة 1175 م، ثم سار
صلاح الدين عقيب انتصاره ونزل على حلب مرة أخرى، فصالحه الزنكيون على أخذ
معرة النعمان وكفر طاب وبارين.[69]

أعلن
صلاح الدين نفسه ملكًا على البلاد التي افتتحها بعد انتصاره على الزنكيين،
وخطب له أئمة المساجد يوم الجمعة باسم "الملك الناصر"، وضُربت الدنانير
الذهبية في القاهرة باسمه، وعضّد مُلكه بالزواج من أرملة نور الدين زنكي
المدعوة عصمة الدين خاتون. وسرعان ما أصبحت سيادة صلاح الدين على البلاد
سيادة مشروعة عندما أسند الخليفة العباسي في بغداد إليه السلطة على مصر
والمغرب الأدنى والنوبة وغربي شبه الجزيرة العربية وفلسطين وسوريا
الوسطى،[44] وخلع عليه لقب "سلطان مصر والشام".[70]


استمرت
الحرب بين الأيوبيين والزنكيين على الرغم من انتصار صلاح الدين في حماة،
وحدثت الموقعة الأخيرة بينهما في صيف سنة 1176م. كان صلاح الدين قد أحضر
جيوشه من مصر استعدادًا للقاء الحاسم، وقام سيف الدين غازي بن قطب الدين
مودود بتجنيد الرجال في المناطق التي ما زال يسيطر عليها، في ديار بكر وقرى
وبلدات الجزيرة الفراتية.[71] عبر الأيوبيون نهر العاصي متجهين شمالاً حتى
وصلوا تل السلطان على بعد 24 كيلومترًا (15 ميلاً) من حلب، حيث قابلوا
الجيش الزنكي، فاشتبك الجيشان في معركة ضارية، واستطاع الزنكيون دحر ميسرة
الجيش الأيوبي، فاندفع صلاح الدين بنفسه تجاه حرّاس سيف الدين غازي وأعمل
فيهم السيف، فتشجع الأيوبيون واندفعوا يمزقون صفوف الجيش الزنكي، فذُعر
الزنكيون وأخذوا يتقهقرون تاركين في ساحة المعركة الكثير من القتلى،[72]
كاد سيف الدين أن يكون من ضمنهم. قُتل في المعركة العديد من ضبّاط الجيش
الزنكي وأُسر بعضهم الآخر، وغنم الأيوبيون معسكر الزنكيين بما فيه من خيام
وأمتعة وخيول وأسلحة، وعامل صلاح الدين الأسرى معاملة كريمة، فمنحهم هدايا
وأطلق سراحهم، ثم وزّع غنائم المعركة كلها على جنوده، ولم يحتفظ بشيء
لنفسه.[73]


سار
صلاح الدين بعد انتصاره ليعاود حصار مدينة حلب، وفي أثناء سيره فتح الجيش
الأيوبي حصن بزاعة وحصن منبج،[74] ومن ثم توجّه غربًا لإخضاع حصن أعزاز،
وعندما ضرب الجيش الحصار على الحصن، اقتحم بعض الحشاشين المندسين المعسكر
واستطاع أحدهم الوصول إلى خيمة صلاح الدين وضربه بسكين على رأسه، فحمته
الخوذة غير أن السكين مرت على خده وجرحته جرحًا هينًا، واستطاع إمساك
الحشاش، فصارعه الأخير أرضًا وحاول نحره، لكن صلاح الدين تمكن منه، وأعانه
عليه وعلى رفاقه الجنود الأيوبيون وأقاربه وقتلوهم جميعًا.[72] كان لمحاولة
الاغتيال هذه أثر كبير على صلاح الدين، فقد عزم على القضاء على كمشتكين
أمير حلب،[75] الذي سبق وتواطأ مع الحشاشين لقتل صلاح الدين، وأصبح شديد
الحذر لا يُقابل إلا من يعرفه. يقول أبو شامة المقدسي في كتابه الروضتين في
أخبار الدولتين:


صلاح
الدين الأيوبي لمّا فتح السلطان حصن بزاعة ومنبج أيقن من هم تحت سلطتهم
بخروج ما في أيديهم من المعاقل، والقلاع ونصبوا الحبائل للسلطان. فكاتبوا
سنانًا صاحب الحشيشية مرة ثانية، ورغبوه بالأموال والمواعيد، وحملوه على
البتاع فأرسل، لعنه الله، جماعة من أصحابه فجاءوا بزي الأجناد، ودخلوا بين
المقاتلة وباشروا الحرب وأبلوا فيها أحسن البلاء، وامتزجوا بأصحاب السلطان
لعلهم يجدون فرصة ينتهزونها. فبينما السلطان يومًا جالس في خيمة، والحرب
قائمة والسلطان مشغول بالنظر إلى القتال، إذ وثب عليه أحد الحشيشية وضربه
بسكينة على رأسه، وكان محترزًا خائفًا من الحشيشية، لا يترع الزردية عن
بدنه ولا صفائح الحديد عن رأسه؛ فلم تصنع ضربة الحشيشي شيئا لمكان صفائح
الحديد وأحس الحشيشي بصفائح الحديد على رأس السلطان فسبح يده بالسكينة إلى
خد السلطان فجرحه وجرى الدم على وجهه؛ فتتعتع السلطان بذلك.


ولما
رأى الحشيشي ذلك هجم على السلطان وجذب رأسه، ووضعه على الأرض وركبه
لينحره؛ وكان من حول السلطان قد أدركهم دهشة أخذت عقولهم. وحضر في ذلك
الوقت سيف الدين يازكوج، وقيل إنه كان حاضرًا، فاخترط سيف وضرب الحشيشي
فقتله. وجاء آخر من الحشيشية أيضا يقصد السلطان، فاعترضه الأمير داود بن
منكلان الكردي وضربه بالسيف، وسبق الحشيشي إلى ابن منكلان فجرحه في جبهته،
وقتله ابن منكلان، ومات ابن منكلان من ضربة الحشيشي بعد أيام. وجاء آخر من
الباطنية فحصل في سهم الأمير علي بن أبي الفوارس فهجم على الباطني، ودخل
الباطني فيه ليضربه فأخذه علي تحت إبطه، وبقيت يد الباطني من ورائه لا
يتمكن من ضربه، فصاح علي: "اقتلوه واقتلوني معه"، فجاء ناصر الدين محمد بن
شيركوه فطعن بطن الباطني بسيفه، وما زال يخضخضه فيه حتى سقط ميتًا ونجا ابن
أبي الفوارس. وخرج آخر من الحشيشية منهزمًا، فلقيه الأثير شهاب الدين
محمود، خال السلطان فتنكب الباطني عن طريق شهاب الدين فقصده أصحابه وقطعوه
بالسيوف.


وأما
السلطان فإنه ركب من وقته إلى سرادقه ودمه على خده سائل، وأخذ من ذلك
الوقت في الاحتراس والاحتراز، وضرب حول سرادقه مثال الخركاه، ونصب له في
وسط سرادقه برجًا من الخشب كان يجلس فيه وينام، ولا يدخل عليه إلا من
يعرفه، وبطلت الحرب في ذلك اليوم، وخاف الناس على السلطان. واضطرب العسكر
وخاف الناس بعضهم من بعض، فألجأت إلى ركوب السلطان ليشاهده الناس، فركب حتى
سكن العسكر.[76]

بعد
أن تمّ النصر وافتتح حصن أعزاز في ذي الحجة من سنة 571 هـ، حوّل صلاح
الدين أنظاره ناحية حلب وضرب الحصار عليها كي يقتصّ من الأمير كمشتكين،
فقاومته الحامية مقاومة شديدة مرة أخرى، ففشل في اقتحام المدينة، غير أنه
تمكن من فرض هدنة على كمشتكين والملك الصالح إسماعيل وأبرم حلفًا
معهما،[74] وجاء في نص الهدنة أن يحتفظ الزنكيون بمدينة حلب مقابل اعترافهم
بسلطان صلاح الدين على كامل الأراضي التي أخضعها، وسرعان ما اعترف أمراء
ماردين وجوارها بسيادة صلاح الدين وبملكه على الشام. وعندما انتهت الهدنة
أرسل الملك الصالح شقيقته الصغرى الخاتون بنت نور الدين إلى صلاح الدين
مطالبة إياه بإعادة حصن أعزاز إلى الزنكيين، فاستجاب لطلبها ورافقها بنفسه
حتى بوابة حلب محملة بهدايا كثيرة.[75]








[size=21]الحروب ضد الصليبيين
بعد
أن نجح صلاح الدين في أن يجمع مصر وسوريا وغربي شبه الجزيرة العربية
والعراق في دولة إسلامية موحدة قوية تحيط بمملكة بيت المقدس والإمارات
الصليبية من الشمال والشرق والجنوب، واطمأن إلى وحدتها وتماسكها، انتقل إلى
تحقيق القسم الثاني من مخططه السياسي، وهو محاربة الصليبيين وطردهم من
البلاد،[44] وجاءَته الفرصة حين تعرّض أرناط آل شاتيون صاحب الكرك لقافلة
غزيرة الأموال كثيرة الرجال فأخذهم عن آخرهم ونهب أموالهم ودوابهم وسلاحهم،
فأرسل إليه صلاح الدين يلومه ويُقبح فعله وغدره ويتوعده إن لم يطلق الأسرى
والأموال، فلما رفض أرسل صلاح الدين، الذي كان آنئذ في دمشق، إلى جميع
الأطراف باستدعاء العساكر لحرب أرناط، وتوجه بنفسه إلى بصرى، ومنها إلى
الأردن ونزل بثغر الأقحوان.[129]


في
9 جمادى الآخرة سنة 579هـ، الموافق فيه 29 سبتمبر سنة 1183م، عبر صلاح
الدين نهر الأردن لمهاجمة بيسان التي وجدها خاوية. وفي اليوم التالي، أضرمت
قواته النار في البلدة،[113] وساروا غربًا، ليعترضوا تعزيزات الصليبيين من
حصني الكرك والشوبك على طول طريق نابلس وأسروا عددًا منهم. وفي تلك
الأثناء، كانت قوة الصليبيين الرئيسية بقيادة غي آل لوزنيان، قرين ملكة
القدس سيبيلا أخت بلدوين، قد تحركت من صفورية إلى العفولة. أرسل صلاح الدين
الأيوبي 500 مقاتل لمناوشة قوات الصليبيين، وسار بنفسه إلى عين جالوت.
وعندما تقدمت القوات الصليبية، والتي كانت أكبر قوة جمعتها المملكة من
مواردها الخاصة، ولكنها كانت لا تزال أقل من قوات المسلمين، تراجع
الأيوبيون بشكل غير متوقع إلى عين جالوت. رغم وجود بضع الغارات الأيوبية،
بما في ذلك الهجمات على زرعين والطيبة وجبل طابور، لم يشارك الصليبيون
بكامل قواتهم في معركة العفولة، التي قاد فيها صلاح الدين رجاله عبر النهر
منسحبًا ببطء.[117]


ومع
ذلك، أثارت المزيد من الهجمات الصليبية غضب صلاح الدين الأيوبي. فقد استمر
أرناط آل شاتيون يهاجم القوافل التجارية العائدة للمسلمين وطرق الحج
بأسطول في البحر الأحمر، وهو الممر المائي الذي كان من اللازم لصلاح الدين
بقائه مفتوحًا. وردًا على ذلك، بنى صلاح الدين أسطولاً من 30 سفينة لمهاجمة
بيروت في عام 1182م. هدد رينالد بمهاجمة مدن المسلمين المقدسة مكة
والمدينة المنورة، وهو ما رد عليه صلاح الدين بمحاصرة الكرك قلعة أرناط
الحصينة مرتين، عامي 1183 و1184، فردّ رينالد بنهب قافلة حجيج عام 1185،
ووفقًا لمؤرخ القرن الثالث عشر الإفرنجي وليم الصوري، فقد قبض أرناط على
أخت صلاح الدين في تلك الغارة على القافلة،[130] وهو ما لم تثبته المصادر
المعاصرة، سواءً الإسلامية أو الأوروبية، وذكرت بدلاً من ذلك أن أرناط هاجم
القافلة، وأن جند صلاح الدين حموا شقيقته وابنها حتى وصلوا دون أي ضرر.


بعد
أن استعصى حصن الكرك المنيع على صلاح الدين أدار وجهه وجهة أخرى وعاود
مهاجمة عز الدين مسعود بن مودود الزنكي في نواحي الموصل التي كان قد بدأت
جهوده في ضمها سنة 1182م، إلا أن تحالف عز الدين مع حاكم أذربيجان ومملكة
جبال، والذي أرسل جنوده عبر جبال زاغروس عام 1185م، جعل صلاح الدين يتردد
في هجومه. وحينما علم المدافعون عن الموصل، بأن تعزيزات في طريقها إليهم،
ارتفعت معنوياتهم وزادوا من جهودهم، وقد تزامن ذلك مع مرض صلاح الدين، لذا
ففي شهر مارس من سنة 1186م، تم التوقيع على معاهدة سلام.[131]

معركة حطين
كان
المرض قد اشتد على ملك بيت المقدس بلدوين الرابع، في سنة 1185م وما لبث أن
توفي في ذلك العام بعد أن سمّى ابن شقيقته بلدوين الخامس خلفًا له، لكن
الأخير ما لبث أن توفي خلال سنة، فتولّت العرش والدته سيبيلا، التي ما لبثت
أن توّجت زوجها الثاني غي آل لوزينيان ملكًا، وكان الأخير قد خُطط له أن
يكون وصي العرش بعد بلدوين الرابع، لكن تحالفه مع أرناط وخرقهما للهدنة مع
صلاح الدين ومهاجمتهما لقوافل المسلمين التجارية وقوافل الحجاج، الأمر الذي
جعل صلاح الدين يُحاصر الكرك، جعلت بلدوين الرابع يعدل عن تسميته خلفًا له
بعد مماته.[44] وعندما تولّى غي عرش بيت المقدس ظهرت الانشقاقات بين
الصليبين وتوسعت، فلم يكن عدد من الأمراء راضيًا عن توليه، ومن هؤلاء
ريموند الثالث "القمص" صاحب طرابلس، الذي دفعه غيظه إلى مراسلة صلاح
الدين[132] ومصادقته واتفق معه ألا يحاربه ولا يرفع عليه سيف، فقال له:
«أنني أملك طبريا أنزل عليها وأستولي عليها وأنا أتركها لك فتقوى بها على
الفرنجة وتضعف قلوبهم». فذهب صلاح الدين ونزل قريبًا من طبريا فسلمها له
صاحب طرابلس، وسمع ملك الفرنجة المتوج حديثًا ما حدث، فحشد العامة في
البلاد مع عساكر الساحل وسار للقاء صلاح الدين، وانضم إليه صاحب طرابلس
ليتستر على فعله.[133]

في
يوم السبت 25 ربيع الآخر سنة 583هـ، الموافق فيه 5 يوليو سنة 1187م، نزل
الصليبيون قرون حطين،[129] وكان صلاح الدين قد سبقهم إلى هناك وتمركز جيشه
في المنطقة العليا منها حيث نبع المياه، وكانت تجهيزات الفرنجة الحربية
الثقيلة هي سبب تأخرهم في الوصول، ولمّا حصل ووصلوا إلى الموقع كانوا
هالكين من العطش لدرجة أنهم شربوا الخمر بدلاً من الماء فسكر منهم الكثير،
وهاجموا جيش صلاح الدين فقُتل من الفريقين عدد من الجنود، وكان الصليبيون
متحمسين في البداية للحصول على الماء فهزموا المسلمين في أول النهار ولكن
دارت الدوائر في آخر النهار، فإنقض الأيوبيون على الجيش الصليبي ومزقوا
صفوفه، واستمرت المعركة ساعات طويلة، وما أن انقشع غبارها حتى تبيّن مدى
الكارثة التي لحقت بالصليبيين، فقد خسروا زهرة شباب جنودهم، وقُتل العديد
من الفرسان والضبّاط المخضرمين، ووقع الملك غي آل لوزينيان وأخوه وأرناط
صاحب الكرك وغيرهم من كبار الصليبيين بالأسر.[6][134] أما ريموند الثالث
صاحب طرابلس، فقد تظاهر بالهجوم على المسلمين، فمر بين صفوفهم وذهب ولم
يرجع كأنه أنهزم، واتجه إلى مدينة صور ومكث بها.


بعد
هذا النصر جلس صلاح الدين في خيمته، وأمر بإحضار الملك غي وأخوه وأرناط،
فلمّا مثلوا أمامه قدّم للملك شربة من جلاّب وثلج، فشربها وكان على أشد حال
من العطش، ثم ناولها لأرناط، فقال صلاح الدين للترجمان: «إنما ناولتك، ولم
آذن لك أن تسقيه، هذا لا عهد له عندي»،[135] وذلك كون العادة السائدة كانت
أنه لو شرب الأسير أو أكل من مال من أسره أمن، وكان صلاح الدين قد نذر أنه
لو ظفر بأرناط قتله بعد أن قتل من المسلمين خلقًا كثيرًا.[6] بعد ذلك أمر
صلاح الدين بإحضار بعض الطعام للملك غي، وما أن انتهى حتى أمر بإحضار
أرناط، وأوقفه بين يديه ثم قال له: «نعم أنا أنوب عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم في الانتصار لأمته»،[135] ودعاه إلى اعتناق الإسلام، فرفض وقال
ما يتضمن الاستخفاف بالنبي محمد، فسلّ صلاح الدين سيفه ودق عنق أرناط،
وأمسكه الجنود وأخرجوا جثته ورموها على باب الخيمة، ورآه الملك غي يتخبط في
دمائه ويلفظ أنفاسه الأخيرة فخاف وشحب لونه معتقدًا أنه لاحق به،[134]
فاستحضره صلاح الدين وطيّب قلبه وقال له:


صلاح
الدين الأيوبي أنا أحدثك حديث الأمراء، لا تخاف يا ملك فلن تموت اليوم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://shoura.yoo7.com
 
صلاح الدين الأيوبي
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» صلاح الدين الايوبى
» إنجاز أكثر من 3700 معاملة لتعويض المتضررين من الإرهاب في صلاح الدين
» أسماء المرشحين للقبول في مديرية الدفاع المدني العامة للمحافظات ( الانبار ، صلاح الدين ، نينوى )
» عز الدين القسام
» عز الدين بن الأثير المؤرخ الكبير

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات شباب الشورة الجديد :: منتدى الشخصيات العربية والاجنبية-
انتقل الى: